٥ مفاتيح يساعدونا نتبنى موقف الغفران

attitudes forgetting forgiveness forgiving parenting prophets quran self-leadership tolerance wisdom

يا رفعت! يا تسيب الفريق يا أنا ادخل مستشفى المجانين…!“ 

جملة افتتاحية كان بيكررها مدرب الباليه مع كل حصة ليا وأنا طفلة في خامسة ابتدائي. جملة كانت بتتقال بصوت عالي وفي نطاقالهزار”. وهي في الحقيقة ما كانتش بتخليني اضحك أو اتحمس للحصة. بالعكس. كانت بتحسسني بالإحراج. بإني مش شاطرة. بإني اقل من البنات اللي معايا في الفريق. جملة كانت بتحسسني بالرفض وعدم الأمان طول مدة التدريب. 

كبرت باكره الرياضة. وفكرتي عن نفسي إن قدراتي على التوافق العضلي العصبي ضعيفة. في ستة ابتدائي مامتي قالت لي إن عندي ابتدائية واني محتاجة اركز وابطل باليه علشان المذاكرة. يومها فرحت إني خلص من المدرب. ومعاها توقفت علاقتي بالأنشطة البدنية. 

مرت سنين وفكرتي عن الرياضة إنها حاجة بتسبب لي الإحراج وعدم الأمان. لأن الناس هتتريق عليا زي المدرب ما كان بيعمل. وبالعافية التزمت بالرياضة بعد ولادة ولادي الاتنين علشان ارجع لوزني قبل الحمل. وبعد ما حققت الهدف في كل مرة فيهم، كانت علاقتي بالرياضة بتنتهي. 

و مر وقت ومرة كنت بحضر جلسة تدبر للقرآن الكريم. واللي بيدير الجلسة اتكلم عن الغفران والتسامح وأهمية إن الإنسان ما يشيلش  مظلمة تجاه حد. فضل يتكلم في الموضوع ويدعوا الحضور انهم يسامحوا كل اللي ظلموهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وسواء بعلم أو بجهل. وكرر إن جزاء التسامح ده العفو. إن ربنا يعفو عنا لو احنا سامحنا وعفونا عن اللي ظلمنا. يومها رجعت وأنا متحمسة جدًا إني اعفو، أملًا إن ربنا يعفو عني. ولاقتني بفكر محتاجة اسامح مين؟ ولاقيت صوت المدرب بيرن في وداني. ومع الصوت بدأ وشي يحمر وأتملي مضايقة. غضب. ألم من المرات المتكررة اللي استهزأ بيا فيها على الملأ. 

مرت الأيام وأنا بفكر في الموضوع. وبدأت اقرأ مقالات وقصص عن العفو والغفران. لحد ما لاقيت جملة عجبتني جدًا. كانت بتقول: “Forgive but don’t forget”. وبدأت اقرأ عن الفرق بين الإتنين. والجملة دي مش بس ساعدتني ان اغفر واسمح المدرب. الجملة دي ساعدتني اتعلم درس عميق منه في أهمية احترام الفروق بين طلابي وأهمية احترام مشاعرهم والحرص عليها ومساعدة الضعيف منهم بدل الاستهزاء بيه واشعاره بالعجز أو الضعف. 

 

موقف/Attitude الغفران وقيادة الذات

أحد القصص الملهمة جدًا ليا في الموضوع ده قصة نيلسون مانديلا. رئيس جنوب افريقيا السابق. اللي اتحبس في معتقل ٢٧ سنة ولما طلع من المعتقل وبعد تعرضه للتعذيب هناك بشكل مهين جدًا، طلع صافح الأعداء والعاملين بالسجن اللي عذبوه. ولما استعجبوا من موقفه رد وقال إنه لو ماعملش كده هيفضل سجين الماضي، هيفضل سجين داخل عقله ولو جسمه طلع بره المعتقل. وإنه مركز علي المستقبل والرؤية الخاصة ببلده واللي علشانها محتاج يغفر إنما ما ينساش. 

ما ينساش ايه؟ 

ودي الحتة اللي بتوقف كتير منا عن إنه يسامح أو يعفو. انه متخيل إنه كده بقى ضعيف واهبل ومتخاذل. وهو في الحقيقة اللي بيغفر بيكون شخص قوي كده، لو غفر وفضل فاكر.

فضل فاكر ايه؟

الدروس اللي طلع بيها من الموقف اللي اتعرض فيه للظلم. مرارة الظلم. قسوة الظالم. يفتكر علشان هو نفسه ما يظلمش غيره. زي ما اتعلمت من المدرب اني ماظلمش طلابي. 

نيلسون مانديلا، كقائد لمقاومة التمييز العنصري، كان عنده رؤية مركز عليها وقرر واختار إنه مفيش حاجة تشتته أو تلهيه عن رؤيته. مهما كان الظلم او التعذيب، عنده هدف واحد ويتحرك تجاهه بدون تهاون. من غير ما يجري ورا عصفورة الانتقام أو يتحسب في سجنأنا اتظلمت يا محسن“.

 

٥ مفاتيح يساعدونا نتبنى موقف الغفران

١- أول مفتاح وأحبهم إلى قلبي هو الإيمان إن كل حاجة اتعرضنا لها فهي جزء من قضاء ربنا سبحانه وتعالى وقدره. مفيش حاجة حصلت بدون علمه أو ضد رغبته. فالسخرية من مدرب الباليه كانت قضاء ربنا ليا. 

٢- التاني، إننا نستوعب إن الظلم حصل علشان نتعلم منها حاجة أو ننمي معاها مهارة أو نكبر خلاله وننضج أو نتحول لناس أحسن. يعني كل حاجة حصلت علشان تعلمنا درس. وبدل ما نفضل نعيد اللي حصل في دماغنا وتحبس جواه. نطلع بره دماغنا ونراجع ونتفكر في الدرس من اللي حصل. فالسخرية من مدرب الباليه كانت قضاء ربنا ليا. علشان يصنعني. علشان أكون المدرس اللي كنته بإحساسي بالطلبة وتشجيعي للضعيف ودعمه علشان يقف على رجله. كل حاجة صناعة ربانية. 

٣- التالت، إننا نفكر دورنا ايه في الظلم اللي اتعرضنا له. هل كنا شركاء سلبيين فيه؟ لما حكيت عن موضوع المدرب وأنا في الأربعينات، أمي قالت لي:“أول مرة اسمع إنه كان بيضايقك. ما قولتيليش ليه؟يومها فهمت إني كنت شريكة في الظلم. إني ما قلتش للمدرب إن الهزار ده بيضايق أو بلغت والدتي علشان تتصرف. لأ وقفت كمشاهد سلبي وسبت نفسي اتعرض للظلم. وأكيد بعد ما نفكر في دورنا نتنقل للنقطة اللي بعدها وهي

٤- اننا نبطل نلعب الدور ده، نلعب دور غيره. نتخلص من تقمص دور الضحية الضعيفة المغلوبة على أمرها. ونتبنى دور الإنسان القائد اللي يقدر يوقف الظلم أو يبلغ عن الظالم.

٥- إننا نفكر نفسنا إننا بشر، بنخطئ وإن أكيد يومًا ما، قريب أو بعيد، ظلمنا حد، بقصد أو بدون قصد. وزي ما نتمنى إنهم يغفروا أحنا كمان نعفر.

 

موقف/Attitude الغفران والمستقبل

أحد السمات المهمة جدًا عند القائد هي تركيزه على المستقبل، على الرؤية، على المكان اللي عايز يوصل له. وده عكس الإنسان اللي رافض يغفر. اللي محبوس في الماضي وبسببه لا مستمتع بالحاضر ولا عارف يخطط للمستقبل لأنه عبد للي ظلمه مش كائن حر.

من القصص اللي بتبهرني في العفو قصة سيدنا يوسف عليه السلام. وازاي عفا عن اخواته اللي رموه في البير وهو صغير. ويقول لهم في نهاية القصة:“ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.“ ابهرني انه علمهم درس في القصة. وإنه عفا. وشاف ان ربنا احسن له بإنه جمعه بأبويه وأخواته. غفران ملهم.

وموقف اشرف المرسلين نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام وهو في فتح مكة، بعد سنين طويلة من التعذيب للمسلمين، وهجرة للمدينة وغزوات وحروب مع الكفار.. يدخل ويقولاذهبوا فأنتم الطلقاء..“ ويعفو ويصفح.. ليه؟ 

علشان قائد، عنده رؤية للمجتمع. لوطنه. رؤية للإنسانية.

 

كل مولد نبوي واحنا طيبين، وبكتب ربنا المقدسة وبرسله وأنبياءه مقتدين. كل اسبوع واحنا في سعي إننا نتعلم ونحسن مواقفنا في الحياة. كل يوم وإحنا نايمين بالليل ومش شايلين في قلبنا مظلمة لحد، واحنا محررين عقولنا و مسامحين اللي ظلمنا سواء بقصد أو بدون قصد واحنا علي يقين إنهلعله خيروإن كل احداث حياتنا هى من تدبير وحكمة ربنا العلي الحكيم العظيم. 

 

 

فيديو قصير ملهم ليا جدًا لمانديلا عن أهمية الغفران للقائد الي عنده رؤية وحلم في اللينك ده 

shorturl.at/oxILT

فيديو له مع اوبرا وينفري بيتكلم فيه عن ازاي السجن كان قضاء وقدر مفيد له، بالرغم من التعذيب

shorturl.at/mGHRZ

آحد الفيديوهات اللطيفة اللي نعلم بيها ولادنا درس المغفرة وليس النسيان في اللينك ده واللي بيه الطفل اتعلم درس مهم للحياة من الموقف

shorturl.at/lszKM

 

 

#الموقف_السادس_عشر_الغفران

#كتابة

#قراءة

#تعليم

#تطبيق

#مجتمع

#كن_إنسانًا

#سيب_اثر

بعاداتي باصمم حياتي

سلسلة بعاداتي باصمم حياتي - ١٧ حلقة هدية للتعرف على كيفية تبني العادات والإلتزام بها