٤ مفاتيح يساعدونا نتبنى موقف التعاطف

attitudes body language compassion karma parenting role models self-leadership

 

الحياة بعد الأربعين حاجة تانية خالص! أحلى بكتير!“

جملة قالتها لي واحدة صاحبتي اكبر مني بكام سنة. واحنا بنتكلم قلت لها اني علي مشارف الأربعين.. وسألتها يا ترى مستنيني ايه؟! وده كان ردها. وطبعًا أنا تخيلت انها بتتكلم بسخرية. ضحكت، وهي كان ردها إنها بتتكلم جد. إن حياتها في سن الأربعين أحلى بكتير. 

مر الوقت وبدأت مرحلة الأربعينات. ولاقتنى فعلًا بتغير. فيه حاجة مختلفة. اللي كان مهم عندي زي الملابس والاكسسوار مابقاش مهم زي الأول، واللي كان ماسخ ومش حلو زي بوكيه ورد او قاعدة في جنينة في صمت وسكون بقى من اطيب والذ ما في الحياة. بعد أول سنة ليا في الأربعين لاقتني بفتكر حواري مع صديقتي وبقول دي فعلًا كان معاها حق.

مر الوقت واستقلت من شغلي وبقيت اشتغل شغل خاص. وأنا بقدم مرة ورشة عمل، واحدة من الحضور قالت لي على حاجة كنت بشرحها: ”الكلام ده ماينفعش، واعترضت على اللي بقدمه، بذوق وبدون تعدي انما بشوية حدة. ولاقتني

 

ولاقتني ببص في عينيها، لاقتني شايفة إنسانة تعبانة، مجهدة، مفرهدة، ولاقتني شايفة نفسي فيها من كام سنة، وكأني شايفة نفسي في مرحلة التلاتينات وأنا في لهث ما بين البيت والعيال وابو العيال والشغل وووووو خلافه..

بعد ما بصيت لها، قلت لها بصوت حنون :“عارفة أنت محتاجة ايه؟وهي قالت:“إيه؟

قلت لها:“حضن. أنت محتاجة حضن.“ روحت لحد كرسيها وحضنتها. حضن بحضور. حضن دافي. حضن وأنا بدعي لها ربنا يطبطب على قلبها. ورجعت مكاني تاني. وكملت ورشة العمل. 

مر على الموقف ده سنين. وفي مرة كانت حاضرة معايا برنامج تاني، قالت لي من يوم ما ادتيني الحضن وأنا اتحركت….“ وهي ضحكت وأنا ضحكت.. ايه علاقة ده بسلسلة مقالات المواقف وقيادة الذات؟؟

 

موقف/Attitude التعاطف وقيادة الذات

علاقة محورية. موقف اساسي وهام ومحوري وعبقري هو موقف التعاطف. الإنسان اللي عايز يقود ذاته محتاج يكون عنده تعاطف مع نفسه ومع الآخرين. يعني ايه تعاطف؟ يعني حاسس بيك، بوجعك، ومش بس هقف عند اني احس بيك. لأ، أنا مستعد اعمل جهد علشان اخفف آلمك، مستعد اساعدك. أنا موجود. شايفك. سامعك، حتى من غير ما تتكلم أو تطلب. وحاضر معاك. وهتحرك علشان اشوفك احسن. 

وأنا في التلاتينات للأسف ماكانش عندي الموقف ده مع نفسي. كنت بدوس عليها. تعبانة هنروح الشغل عادي. عيانة هنعمل شغل البيت ومش هنرتاح. متضايقة؟ ايه يعني؟ ايه الدلع ده؟ احنا مستعجلين معنديش وقت اقف اسمعك واسألك مالك واحتويكي واساعدك. وبعد ضغط لسنين جسمي اشتكى وبدأت اعاني من مشكلة في الأحبال الصوتية وفي العمود الفقري والقولون العصبي. لحد ما بدأت سن الأربعين. وقعدت مع نفسي قاعدة ونفسي صعبت عليا. ووعدتها اني اسمعها، واحس بيها واتعاطف معاها. ومن هنا بدأت اتغير.. واحدة واحدةمن ماكينة مستعجلة لإنسان متعاطف. 

 

التعاطف والتهاون/التدليل.. 

بينهم شعرة رفيعة. فيه فرق بين اني اتعاطف مع نفسي فتسرح، تنام وتأكل وتشرب وترتع في الدنيا بدون تزكية. وفيه فرق بين اني اتعاطف معاها فكسبها والحصيلة تكون انها ترتقي وتبقى احسن لأني تعاطفت معاها. زي موقف اللي حضرت معايا الورشة. بعد الحضن اتحركت واتقدمت بحياتها. لأنها حست بتعاطف يقوي، مش يفسد. 

من المواقف اللي اثرت فيا بشكل كبير في الموضوع ده موقف لزوجي العزيز. كان فاروق ابننا في اعدادي وقتها. وكان عنده Ipod كان بياخده معاه المدرسة يسمع مزيكا في الأتوبيس. مرة رجع من المدرسة وقال لي انه مش لاقيه. دور عليه في المدرسة والأتوبيس وللأسف مالهوش آثر. زعلت علشانه لأنه بطبعه حريص وكانت أول مرة حاجة تضيع منه. سمعته وبعدها طلبت منه يقول لوالده إنه ضاع. علي الغدا فاروق قال لباباه: ”عايز اقول لك على حاجة.. أنا مش لاقي ال Ipod، دورت عليه في المدرسة والأتوبيس وسألت السواق والمشرفة ومش لاقيه. أنا اسف انه ضاع.“

ورد زوجي العزيز كان:“ أسف على ايه؟ أنا زعلان علشانك. كده مش هيبقى عندك Ipod. بإذن الله تحوش وتجيب واحد بداله.“

فاروق بص لزوجي بنظرة ارتياح وحب..مفيش لوم؟ عتاب؟ زعيق؟ تهزيق؟ خناق؟ تهديد؟

بعد الغدا، واحنا لوحدينا، سألت زوجي عن رد فعله. وكان إنه فعلًا زعلان علشانه لأنه كان بيحب يسمع مزيكا عليه، ولأنه حريص فهيكون متضايق إنه ضييع حاجة غالية عليهوسألته: ”وهو كده هيتعلم ازاي إنه يحافظ على حاجته؟وكان رده إنه هو اللي هيجيب واحد بداله. أنا جبت له واحد. ضاع، هو يجيب بداله. وممكن اساعده بمبلغ بسيط فيه. إنما هيتعلم لما يضطر يحوش ويجيب. مش لما ازعق أو اهدد. 

وقد كان.. وفاروق بدأ يحوش ومن يومها ماضييعش حاجة تاني. 

ده الفرق بيت التهاون والتعاطف. التعاطف: أنا حاسس بيك، وبوجعك وممكن اساعدك. يعنى انت هتشيل جزء وأنا جزء اصغر. مش هشيل الشيلة كلها عنك، لأني لو شلتها كلها ده هيكون تهاون وتدليل. 

 

موقف/Attitude التعاطف والتربية

للأسف من اكتر المواقف اللي الأهل بيتغافلوا عنها وهما أول وأهم قادة في الحياة. كل طفل نشأ في اسرة المربي اللي رباه قائد، بيقوده وبيعلمه فن القيادة بتصرفاته. يعني كل أب وكل أم قائد شاء أم أبى ادرك أم نسىفيكون الحالي ايه لما الأب او الأم يكون مفتقر لموقف التغافل؟ ابن يجيب درجة وحشة في الامتحان يخاف يقول لأهله لأنهم مش هيحسوا بيه وهيعاقبوه. بنت حد اتحرش بيها تقلق تقول لأهلها لأنهم هيفكروا في الفضيحة والقصاص او هينكروا او يلوموها بدل ما يتعاطفوا معاها. عزيزي الإنسان موقف التعاطف ما هو الا مرادف لانسانيتك. يؤسفني اقول لك ان لو انت مفتقر التعاطف = مفتقر لجزء من الإنسانية. 

حديث من الأحاديث الشريفة اللي بحبها جدًا الحديث الشريف اللي فيه الرسول عليه الصلاة والسلام قال:“ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه.“ أولا حب لنفسك.. تعاطف من نفسك.. حب لنفسك إنها تعيش حياة حقيقية، حياة صحية، حياة بحضور، حياة بقبول وتفهم، حياة بسعي واستمتاع واثر.. 

ثانيًا حب لأخيك، نفس الكلام بالضبط.. حياة بقبول، بدون حكم عليه، بدون ضغط، بدون ظلمحياة بتعاطف.

 

٤ مفاتيح يساعدونا نتبنى موقف التعاطف

١- العيون.. شباك على الروح. يوم لما قلت للمشتركة انها محتاجة حضن كنت شايفة ده في عينيها. انها محتاجة حب. احتواء. بص لنفسك في عينيها في المرايا وشوف هتبكي ولا هتضحك؟ ولو لاقيت نفسك بتهرب من النظر ليها، اعزمها على قاعدة صفا واسمعها، اعتذر لها علي المرمطة، وبعدين احتويها بتعاطف. نفس الحاجة مع غيرك، بص في عينيهم ودرب نفسك على انك تعرف هما محتاجين ايه؟ عايزين ايه؟ وبالذات منك انت مش من اي حد تاني. 

٢- الصوت.. نبرة الصوت وعلوه وسرعة الكلام والصمت.. مفاتيح كلها تساعدك تقرأ اللي قدامك. لو حد معاك في العادي بيحب الرغي وقابلته لاقيته ساكت عن العادي، ده مفتاح، اسأله مالك؟ بتعاطف، بحب. لو لاقيته صوته اعلى من العادي، أو بيتكلم بسرعة اكتر.. ركز اكتر هل ده قلق؟ خوف؟ توتر؟ حماس؟ ايه.. دي من الذ المهارات اللي ينميها القائد. إنه ينتبه لصوت اللي قدامه ويفهم ازاي يتصرف بتعاطف ملائم للموقف. 

٣- انك تكون حاضر، مش لازق وشك في الموبايل ولا عقلك شارد في مشاوير بكرة ولا خناقة امبارح. إنك تكون هنا، دلوقتي، مع نفسك ومع غيرك. وده عزيزي القارئ بيجي بالممارسة. إننا نتدرب على ممارسة الحضور.

٤- إنك تفتكر قانون الكارما.. What you give, you shall receive.. هتدي للناس تعاطف هتحصد تعاطف، هندي للناس ضغط وتهديد وتوبيخ وتأنيب، هتاخد ده. يا ترى عايز ايه؟ لو عايز تعاطف ادي تعاطف 

 

فيديو لايف ليا على قناتي على اليوتيب اتكلمت فيه عن ازاي يكون عندنا حضور اللينك بتاعه هنا:

https://cutt.ly/LEZxPiB

 

من اكتر النماذج الملهمة عالميًا في التعاطف هي الأم تيريزا، فيديو تسجيلي عن حياتها في اللينك ده:

https://cutt.ly/OEZxENx

 

أحد افلامي المفضلة اللي فيها نموذج ملهم للتعاطف فيلم بعنوان The Blind Side

https://cutt.ly/qEZxxKM

 

 

 

 

 

#الموقف_الخامس_عشر_التعاطف

#كتابة

#قراءة

#تعليم

#تطبيق

#مجتمع

#كن_إنسانًا

#سيب_اثر

بعاداتي باصمم حياتي

سلسلة بعاداتي باصمم حياتي - ١٧ حلقة هدية للتعرف على كيفية تبني العادات والإلتزام بها