خمس مفاتيح يساعدوك توصل للحكمة
”مامي، الطريقة دي مش بتنفع معايا. أنا مش باجي بالعقاب ولا التهديد. أنا باجي بالتشجيع.“
جملة فاجئتني… وقفت معاها وأنا مذهولة… جملة ملك بنتي قالتها وهي في سن ال١٢ سنة.. كنت باطلب منها تعمل حاجة خاصة بالكلبة بتاعتها، و أنا طلبت الطلب وكملت الجملة بإنها لو ماعملتهاش هتتعاقب… والطريقة بتاعتي كانت فعلًا فيها تهديد.
وملك وقفت مع ”الطريقة"، وعبرت بمنتهى الوضوح ان :“الطريقة دي مش بتنفع معايا.“ لأ، ومش بس كده هي وضحت ايه الطريقة اللي بتنفع معاها. يومها ملك كملت واسترسلت في إني كأم لما بلاحظ المجهود اللي هي عملاه او بشجعها واقول برافو يا ملك انك عملتي ده، او إنك افتكرتي تعملي ده، ده بيشجعها إنها تركز وتفتكر ايه تاني مطلوب منها. ده بيساعدها تتعاون، تستجيب.
الموقف ده كان من ٨ سنين. موقف اثر فيا جدًا. قعدت يومها مع نفسي وفكرت قد ايه كانت حياتي هتبقى مختلفة لو ببساطة كان عندي وضوح لإيه بيشتغل معايا، وإيه مش بيجيب معايا نتيجة. لأ مش بس كده، لو بعد الوضوح كنت تواصلت مع غيري، مع أهلي - زي ما ملك عملت - أو مع مدرسيني أو مع اصحابي، أو عيلتي.. يومها اتعلمت من ملك بنتي موقف مهم جدًا ومحوري إنه يكون موجود عند الإنسان اللي بيسعى يقود ذاته.
موقف/Attitude ال Self-Knowledge
احد الحكم اللي فرقت معايا كانت لسقراط. قال فيها“To know thyself is the beginning of wisdom“.
يعني بما معناه، إن الإنسان يعرف نفسه دي بداية وصوله للحكمة.. بعد موقف ملك بدأت افكر تاني فيا.. إيه اللي بينفع معايا وايه اللي مش بينفع… اكتشفت في الأول اني مش عارفة..! والإكتشاف ده خنقني، حسيت اني باجري، عايشة في ضغط، مش راضية عن اني مش كاملة وان حياتي مش مثالية.. واكتشفت اني فعلًا مش عارفة اعرفني ازاي.
في نفس الوقت زميلتي في الشغل كانت كوتش ومعالج نفسي. لاحظت اني مش تمام. قعدت معايا وبدأت تديني اسئلة ارد عليها. ومع الكراسة والقلم والأسئلة وزميلتي بدأت طاقة نور تتفتح، وكأن شباك اتفتح حتة صغيرة وبدأت من الفتحة اشوف حاجات عني. بعدها بدأت اعمل جلسات تأمل، ٣ دقايق في اليوم، اهدى واتنفس ٣ دقايق بدون جري.. ومع التكرار والممارسة بدأ الشباك يتفتح واحدة واحدة. وبدأت في كراستي اكتب ايه اللي بينفع معايا. وايه اللي مش بينفع. وبدأت اعمل زي ملك، واعبر لأقرب الناس ليا عن ايه اللي بينفع وايه اللي مش بينفع.
التحدي اللي بيواجه ناس كتير في تبني موقف ال Self-Knowledge
أحد الممارسات اللي بقت جزء لا يتجزأ مع حياتي ممارسة التأمل. وفي كل ورشة أو كورس بقدمه باتكلم عن التأمل، وازاي الإنسان محتاج يتواصل مع نفسه. يقعد في هدوء. يسمعها بإنصات. يتعرف عليها. يسألها محتاجة ايه، عايزة تغير ايه؟ ايه مش مناسبها. لما المشتركات في الورش بيبدأوا يطبقوا اللي اتعلمناه، بالاقي كتير منهم مهمل التأمل، معتبره كأنه رفاهية أو تضييع وقت، أو نشاط ممل. ولما باعمل معسكر او رحلة ويكون من ضمن البرنامج فقرة يقعد الإنسان مع نفسه، يكلمها ويسمعها، بلاقي كتير بيقاوموا الفكرة. ولما تساءلت ليه، لاقيت كتير بيقول انه مش لاحق، او كان وراه حاجة تانية، قليل قوي اللي بيكون وعي بالسبب الحقيقي.
السبب الغالب هو إننا بنهرب. اتربينا وكتير مننا اتبرجم انه مقصر، مهما عمل مقصر، بيتلام ويتعاقب ويتوبخ، وبالتالي كبر وده البرنامج اللي عنده، برنامج جلد الذات. وفي اعتقاده إن البرنامج ده هو اللي مساعده يكمل سعي ويفضل يحاول. ومش فاهم ان البرنامج ده هو سد عالي واقف بينه وبين ال Self-Knowledge وانه لو قعد مع نفسه بسلام وتعاطف ورغبة حقيقية في فهمها، القاعدة هتكون قعدة تنوير مش قعدة تعذيب.
معرفة الذات بين الفلوس والسلاح
في أحد الكتب اللي قريتها تطرق الكاتب ل٣ انواع من القوة. السلاح، الفلوس ومعرفة الذات. وذكر فيها ”المرايا“ كرمز لمعرفة الذات في الثقافة اليابانية. ووضح ازاي معرفة الذات في اليابان هي اكتر قوة محترمة ومتقدرة من القوات التلاتة، اكتر من الفلوس والسلاح. لأن لما الإنسان بيعرف نفسه بيقدر يحدد يستخدم باقي المصادر والوسائل والقوى اللي يمتلكها ازاي. للخير ولا للشر. للتفاخر ولا لخدمة غيره. لبناء المجتمعات ولا هدمها.
ازاي اعرف ذاتي؟ ازاي اتبنى الموقف ده؟
سؤال بيتكرر عليا.. وردي بيكون ان فيه ممارسات مختلفة. منها اني:
١- اقعد في كرسي المشاهد واتفرج عليا زي ما باتفرج على بطل في فيلم او مسلسل. اتفرج على تصرفاته. امتى كان متحمس، امتى كان مكتئب. ايه اثار غضبه وايه حرك مشاعره. اتفرج واتنقل من الفرجة للكتابة. اكتب في سطور في كراسة ايه اللي عرفته عن البطل (اللي هو أنا).
٢- اتبنى عادة التأمل. ولو لدقايق معدودة في اليوم. احولها لعادة. ومع الوقت هلاقي نفسي في تواصل معايا. هلاقي اني قادرة اسمعني.
٣- امارس الصمت والسكون. تدريب صعب جدًا على كتير منا. انما هو احد الممارسات المشتركة بين الأنبياء والصالحين. بيقضوا وقت في صمت وسكون. بلا حركة، بلا كلام، مع نفسهم وخالقهم.
٤- الخروج في الطبيعة والبعد عن المشتتات. يعني يكون ليا وقت اقعد وسط الشجر ولو في حديقة عامة، اقعد، اسمع العصافير، أتأمل الورد، اعيش بحضور بعيد عن اللهث والجري ورن الموبايل ورسايل الواتس اب. ويا سلام لو ده بقى طقس اسبوعي اداوم عليه.
٥- اجرب حاجات جديدة، مهارة، نشاط، لغة، رياضة..
ملك بنتي لما قالت الجملة المحورية بتاعتها كانت في رحلة اكتشاف لنفسها. كانت جربت رياضات مختلفة، وهوايات مختلفة ما بين عزف ورسم وتمثيل وكورال. ومع التجارب المختلفة والتعامل مع مدرسين ومدربين مختلفين فهمت ليه بتكمل مع ناس منهم وليه بتوقف حاجات. فهمت إن اللي بيشجعها معاه مفتاحها. الفهم ده والمعرفة دي اتحققت لما جربت حاجات كتير متعددة ومتنوعة. طول ما احنا قاعدين على الكنبة وسط الدوشة وبنهرب من القاعدة مع نفسنا، معرفة الذات هتكون من عاشر المستحيلات.
هيحصل ايه لو مش عندنا موقف Attitude ال Self-Knowledge
حاجات كتير. أولها هنعيش في حالة غضب او عدم رضا.. الناس بتعاقب او بتهدد واحنا بنيجي بالتشجيع. هنعمل اختيارات غير مناسبة لنا، لأننا مش عارفين نفسنا، نختار شريك حياة من مناسب، شغل مش ممتع، دراسة مش مناسبة، اسلوب حياة مش ملائم، طريقة صرف للفلوس غير مرضية.. ليه لأننا ماعندناش معرفة بذاتنا. وبالتالي بنختار بعشوائية وبنعيش بشكل عشوائي. بنعيش عمياني.
ايوه يعني نعمل ايه؟
يعني لو عايز تقود نفسك، لو عايز تعيش في رضا او سلام داخلي، هدي الإيقاع بتاع حياتك شوية. واتبنى عادة التأمل، وطقس السكون والصمت في الطبيعة. وابدأ اتعرف على نفسك من جديد، وانت في حالة فضول مش رفض او عتاب او تأنيب. اتعرف عليها وانت في بالك ان الممارسة دي بوابتك لمعرفة ذاتك. بوابتك للحكمة. بوابتك لخير كتير زي ما ربنا سبحانه وتعالي قال في كتابه الكريم:“ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ“ سورة (البقرة- ٢٦٩)
أحد الفيديوهات المهمة جدًا للكاتبة جريتشن روبين عن معرفة الذات وازاي تساعدنا في تبني العادات موجودة في اللينك ده
أحد المقالات المفيدة في موضوع القوى التلاتة والمرايا هنا
#الموقف_الرابع_عشر_معرفة_الذات
#كتابة
#قراءة
#تعليم
#تطبيق
#مجتمع
#كن_إنسانًا
#سيب_اثر
بعاداتي باصمم حياتي
سلسلة بعاداتي باصمم حياتي - ١٧ حلقة هدية للتعرف على كيفية تبني العادات والإلتزام بها
