الفرق بين الصبر والتراخي والغباء

attitudes einestine fast fast food insanity parenting patience self-leadership success urgency

ملك بنتي وهي في سن العشر سنين كانت بتحلم تجيب كلب. فضلت تتحايل علينا واحنا رافضين رفض قاطع. وهي فضلت تتحايل. مرة تتكلم بالعقل ومرة تتكلم بالمشاعر. وكل مرة توصل اننا نقول لأ. مرت شهور لحد ما في يوم في اجازة الصيف قعدت تتكلم تاني مع باباها عن موضوع الكلب. وبعد مناقشة طويلة قال لها هاتي كلب لما تكبري، في بيتك انت. وهي كان ردها إني عايزة كلب دلوقتي، وأنا صغيرة، مش لما أكبر. ده حلمي. انتهت يومها المناقشة على غير العادة. وزوجي العزيز وعد بنتنا إنه يحقق لها حلمها ويجيب لها الكلب اللي بتحلم بيه وهي صغيرة كهدية لعيد ميلادها التالي. 

 

عدت الايام والشهور، ووصلنا ليوم عيد ميلاد بنتي وباباها قدم لها الكلب من النوع اللي كان نفسها فيه. كانت في قمة سعادتها وبكت يومها بالدموع وهي بتحضن والدها وبتردد: ”بقى عندي كلب؟ بقى عندي كلب!

ودخلنا في مرحلة ما بعد الكلب. هينام فين ويأكل ايه ويشرب منين ويعمل تواليت فين.. وبدأت الكلبة اللي عمرها كان شهرين تعمل تواليت في غرفة المعيشة.. وأنا اتشال واتحط علي السجادة اللي اتوسخت. وبنتي تلم السجادة بعد ما تنضفها.. وبعد كام ساعة الكلبة تعمل على الأرض.. على أخر اليوم كانت بنتي دخلت على النت ودورت ازاي تدرب الكلبة على حاجات مختلفة وبدأت في التطبيق على طول. مر اسبوع واتنين والكلبة لسه مش بتعمل تواليت في الحمام اللي عايزنها تعمل فيه بانتظام، أحيانًا اه واحيانًا لأ… وبدأ صبرنا ينفذ.. زوجي العزيز اتصل بواحد صاحبه عنده خبرة في الكلاب وسأله. وكان رده إن الكلاب كائنات ذكية جدًا، اصبر عليها وهي هتتعلم. بس اديها شوية وقت. قد ايه؟ قال له هي وذكاءها، أنما هتتعلم، أنت بس ”اصبر“. 

بعد اسبوع من المكالمة دي كانت الكلبة فعلًا اتعلمت. رجعنا السجاجيد تاني وهي فهمت حدودها ايه. ملك بنتي حست بالإنجاز إنها نجحت في تدريبها. وأنا حسيت بالسعادة إن ملك ثابرت على تعليم الكلبة. 

مرت سنين علي الموقف ده، والدرس اللي اتعلمته منه كان محوري. درس عني وعنك. عن كل كائن حي. إن ”كل كائن قابل للتدريب وللتعلم“. الموضوع محتاج ”مثابرة وصبر“. يعني ايه؟ يعني ملك كانت كل مرة الكلبة بتعمل في مكان مش صح كانت بتكلمها بصوت حاسم وتقول لها ”كده لأ“ وتاخدها مكان ما عايزنها تعمل وتشاور لها وتقول لها هنا، تواليت هنا. “كل مرة“. مش مرة اه ومرة لأ. كل مرة. دي المثابرة. اما الصبر، فالكلبة اخدت وقتها علشان تتعلم. احتاجت ٣ اسابيع. ممكن حد يحتاج ٤ وممكن حد يتعلم في اسبوع. الكل هيتعلم بسرعته. الكل هيتعلم. محتاجين صبر.

 

قيادة الذات وموقف الصبر 

من تجربة بنتي ملك مع الكلبة اتعلمت حاجات مختلفة. من أهمها الصبر. الصبر على نفسي. كإنسان بيتمنى يقود نفسه. فكرت كام مرة استعجلت نفسي في النتايج. او كنت باحس بالإحباط من عدم التقدم السريع والملحوظ. كام مرة اتهمت نفسي بالفشل او الضعف وانهزمت. قبل ما نجيب الكلبة كنت بدأت اتعلم عزف علي البيانو.. جوزي وولادي كمان. كلهم كانوا متقدمين عني. وقتها حسيت إني ضعيفة وقررت اوقف تعلم. وهما كملوا وبدأوا يقروا النوتة ويعزفوا مقطوعات حلوة وأنا باقول لنفسي إني مش موهوبة. لحد ما جات الكلبة، ومن مراقبتها والتفكر في طريقة تعلمها استوعبت إني كنت محتاجة اصبر على التعلم وما اقارنش نفسي بحد.

 

عصر السرعة وموقف الصبر

في الزمن الحالي، زمن اسرع دليفري في مصر والFast food، بقينا عايشين ومعيار من أهم المعايير بالنسبة لنا هو سرعة النتايج. مش جودتها، ولا متعة الرحلة. لأ المهم النتيجة تيجي بسرعة. عايزين نعمل دايت ونخس بسرعة. عايزين نخلص شغل بسرعة. ولادنا يتربوا بسرعة. نكسب فلوس بسرعة. ناكل بسرعة. والسرعة من سرعتها خليتنا مش عايشين، بناكل من غير ما نستطعم، بنشتغل من غير ما نستمتع، بنربي ولادنا من غير ما نسمع او نتواصل فعلًا. 

 

 

ازاي اتبنى موقف/Attitude الصبر؟

أحد المقولات اللي بحبها جدًا بتقول: ”.It's not easy, but it's simple

يعني الموضوع بسيط.. انما مش سهل. 

بسيط اننا نعمل ممارسات تساعدنا نصبر. إنما مش سهل إننا نعيش في حقبة زمنية تسمى عصر السرعة ونتبنى الصبر.

بسيط إننا نقرأ قصص الأنبياء ونشوف ونتعلم من صبرهم. إنما مش سهل إننا نقتدي بيهم. 

بسيط إننا نفتكر إن ربنا خلق الدنيا في ست أيام وقدر أقواتها في اليوم السابع وهو قادر إنه يقول كن فيكون. إنما مش سهل إننا نصبر على طلباتنا بدون قلق وتوتر وضغط على اللي حوالينا.

بسيط إننا ن نقضي ٣ او ٥ دقايق في اليوم في جلسة تأمل نتنفس بيها بعمق ونهدي ايقاع حياتنا السريع، إنما مش سهل إننا نوقف مخنا عن التفكير خلال الدقايق البسيطة دي.

لو عايز تحقق نتايج في حياتك، نتايج حقيقية محتاج تتبنى موقف الصبر.

ككوتش في ناس بتلجأ لي للمساعدة. منهم ناس بتدور علي حاجة اسمها "Quick fix”. تبقى علاقتها بشريك حياتها بقى لها سنين متوترة. وتيجي عايزة في جلسة كوتشينج واحدة اساعدها تحسن العلاقة. أو ابنها سقط في المدرسة، وعايزة مدرس يساعده ينجح في الملحق بعد اسبوع. هل ده هيكون نجاح؟ ممكن يعدي الامتحان فعلًا. إنما هل ده نجاح؟

الصبر محتاج "وقت". 

 

جدر المشكلة..

من وجهة نظري البسيطة جدر المشكلة (التسرع وعدم الصبر) يكمن في التربية. كتير مننا اتربى على المقارنة. بصي فلانة جابت كام وانت كام. بصي ده وصل لايه وانت فين. والنتيجة إن ثقتنا في نفسنا اتهزت. وتخلينا تخيل باطل إن امكانياتنا محدودة وإن يا نجيب النتيجة بسرعة يا بلاش. وبدل ما نفكر نغير الطريقة اللي بنسعى بيها لتحقيق اهدافنا ونختار طريقة مناسبة لنا اكتر، بقينا نتخلى عن اهدافنا. وبس؟ لأ وكمان بقينا بنخدر نفسنا بأكل وفسح ونوم ومشتريات فوق احتياجنا علشان خذلنا نفسنا.

 

خد بالك من ٣ حاجات محورية علشان تحقق نتايج:

١ استوعب إنك إنسان تركيبته مختلفة تمامًا عن اي حد تاني في طريقة تعلمك وايه اللي يحمسك ومجموعة قيمك ورغباتك واحتياجاتك واهدافك 

٢ انقذ نفسك من عصر السرعة وكل ما تلاقي نفسك مستعجل هديها وخليها تركز في الحاضر والاستمتاع و قول لها ”مفيش حد بيجري ورانا“

٣ اتعلم عن الناس اللي حققت نتايج عظيمة في الحياة، سواء كان فلاح أو مخترع او قائد مجتمعي أو فنان ملهم. اقرأ عنهم او اتفرج على افلام تسجيلية لهم أو افلام عادية لو متاحة. اتعلم منهم ازاي كان عندهم صبر للوصول للنجاح وقلدهم. قلدهم في الصبر خلال سعيك للنجاح الخاص بيك إنت.

 

واخيرًا فرق ما بين ٣ حاجات:

الصبر والتراخي والغباء..

يعني ايه؟

أم صبرت على انها تفطم ابنها الرضيع. الولد وصل لسنتين ونص ولسه بيرضع ووصل ل٣ سنين ونص ولسه بيلبس بامبرز. ده مش صبر. ده تراخي.

واحد بيلعب رياضة علشان يبني عضلات. صبر على النتيجة وثابر علي الرياضة وشهر ورا شهر بيخسر عضلات بدل ما يبني عضلات. ده مش صبر، ده غباء.

 

الصبر الصح..

انك تصبر على العادات الصحية، السعي بإحسان، التصرف بأخلاق، الشغل علي تحقيق الأهداف، وإنت بتحط مجهود وشايف نتيجة، او على الأقل بتتعلم من النتايج غير الحميدة وبتجود وتحسن وتعدل. إنما إننا فضل نعمل مجهود بدون وقفات للقياس والتفكير في ايه محتاج يتعدل ونقول ده صبر.. لا ده مش صبر.. ده حاجة تانية.. اسمها عيشة والسلام، كل يوم باعمل نفس الحاجة ومتوقع نتيجة مختلفة.. 

اينشتين شرحها في جملته الشهيرة اللي بتقول:

“Insanity is doing the same thing over and over again, but expecting different results.”

 

أحد الناس الملهمة جدًا ليا في موضوع المواقف/Attitudes هو جيم رون، في الفيديو ده بيتكلم عن الصبر والمثابرة. لينك الفيديو هنا:

shorturl.at/hirG3

 

أحد الأفلام التسجيلية اللي بحبها جدًا لتوماس اديسون اللي فيها انبهرت بصبره على التجربة لحد ما وصل للمصباح الكهربائي وصبره على التجربة والتعديل لمساعدة صديق هنري فورد.. لينك الفيلم هنا:

shorturl.at/lvDL4

 

وطبعًا احد الكتب الملهمة ليا جدًا كتاب نيلسون مانديلا اللي في الصورة معايا.. كتاب بعنوان 

Conversations with myself - Nelson Mandela

اللي فيه تعجبت من صبره على الايذاء وصبره على الفراق وصبره على التعذيب النفسي وصبره على الاغراء وصبره لتكملة مسيرته لحد ما يوصل لهدفه.

 

واخيرًا واهم من اي شئ.. اكتر قصص ملهمة في موضوع الصبر هنلاقيها في اعظم كتب في الدنيا. الكتب المقدسة، وصبر الرسل والأنبياء.. صبر سيدنا نوح، صبر سيدنا يعقوب، صبر أم موسى، صبر سيدنا أيوب.. 

 

لو عايز حياة سطحية، استعجل.. 

أما لو عايز حياة حقيقية لها طعم ولون فعليك بالصبر..في كل مجال في حياتك.. في شغلك وعلاقاتك وصحتك وهواياتك.. في صلاتك وعباداتك..

 

#الموقف_العاشر_الصبر

#كتابة

#قراءة

#تعليم

#تطبيق

#مجتمع

#كن_إنسانًا

#سيب_اثر

 

 

بعاداتي باصمم حياتي

سلسلة بعاداتي باصمم حياتي - ١٧ حلقة هدية للتعرف على كيفية تبني العادات والإلتزام بها