من القمة للقاع في لحظة

وأنا في المدرسة عشت شايفة نفسي متوسطة..مش متفوقة، 

بجيب اقل من المتوسط في اللغات، واعلى من المتوسط في العلوم والرياضيات..

انما التفوق ده مش بتاعي..

ده فيه ناس تاني متفوقة، ومتفوقة في كل حاجة.. 

وأنا "اقل منهم"..

ومهما كنت بحاول، كنت بقرب من التفوق في الرياضيات بس..

انما برضه اقل منهم..

استسلمت لفكرة اني متوسطة، وعشت سنين احاول انجح علشان اتجنب العقاب واللوم..

لحد ما في سنة دراسية وفي امتحان الرياضيات جبت ٣٩ من ٤٠، 

وكانت أعلى درجة في الفصل..

يومها حسيت اني في قمة السعادة..

انا؟ ايمان المتوسطة جابت اعلى درجة..؟

أعلى من فلانة ومن فلانة الي دايمًا اوائل على الفصل وبياخدوا ميدالية التفوق؟

أنا…؟!

رجعت البيت طايرة من الفرحة، دخلت مكتب والدي وطلعت ورقة الإمتحان، 

وقلت له اني جبت اعلى درجة في الفصل!

وكان مطلوب منا اننا نمضي الورقة، زي كل امتحان.

والدي بص على الدرجة وقال لي: "والدرجة دي راحت فين؟ انت معندكيش مخ؟"

قلت له دي اعلى درجة في الفصل يا بابي، حتى اعلى من فلانة..

قال: "لي ولو.. "

قلت له ممكن تمضي الورقة؟

قال لي:"ما احطش اسمي على حاجة ناقصة."

تصرفات مدمرة..

بنية طيبة..

والدي كان عايزني اطلع متفوقة..

هل التصرف ده حفزني اني اتفوق؟

التصرف خلاني اتذوق طعم الخذلان..

وكسر الخاطر.. 

لحظة كنت فيها في قمة السعادة..

واترميت فجأة للقاع.. ومن مين؟ من والدي..

التوقعات غير المنطقية، وتوقع الكمال لص من لصوص العلاقات..

لص رهيب..

وانا بشتغل في بداية حياتي اشتغلت مع مدرسة عظيمة، 

كنت مساعدة لها، وكنا في حضانة..

في يوم طفلة في الفصل حلت ورقة العمل، 

وكان مطلوب تلوين كل الكلام اللي بيبدأ بحرف الN

البنت خلصت بسرعة، وجابت الورقة للمدرسة.. 

المدرسة سألتها ليه ما لونتيش الNurse؟

قالت لها علشان بتلبس ابيض..

المدرسة قالت لها برافو.. وبعدها قالت لي شايفة هي اشطر من الباقيين ازاي..

تعالي نشوف تاريخ ميلادها..

فتحت باب الفصل، كان متعلق عليه اسماء الطلاب وتاريخ ميلادهم..

لاقت ان البنت مولودة في يناير..

قالت لي شايفة.. هي اكبر من باقي الأطفال بكام شهر..

بست وسبع شهور.. علشان كده هي متقدمة عنهم..

الموقف ده عمري ما بنساه..

يومها حسيت اني زي السجين اللي اخد افراج..

فهمت ازاي لأني مولودة في اكتوبر، وكمان دخلت المدرسة سنة بدري..

كنت اصغر من كل زميلاتي باكتر من سنة..

سنة وشهور او سنة ونص..

هل ده بيفرق؟ 

جدًا.. 

في كتاب قرأته اسمه Peak 

كان بيتكلم على المدربين الرياضيين وازاي بيفضلوا الناس اللي مولودة في شهور يناير وفبراير 

لأنهم بيكونوا اكبر من باقي مواليد نفس السنة وبالتالي بيتعلموا اسرع

وايه كمان؟

كنت في معسكر عائلي من سنين ودكتور علم نفس ادى لنا محاضرة..

اتكلم فيها عن القدرات..

وقال مثال علق معايا..

قال طفلك ممكن يكون في النظام ١ من ١٠

وانت عايزه يبقى ١٠ على ١٠

مهما علمته، دربته، شجعته، فكرته، عاقبته حتى 

اقصى حاجة هيوصل لها هي ٦ من عشرة..

محتاج وقتها تفهم ان ده اقصى ما عنده، وكمان تحتفل بيه لما يوصل لها، 

وتقبل انه مش هيمشي طول الوقت عامل اقصى ما عنده.. 

يعني هيعيش في ال٤ والخمسة اغلب الوقت

طبعًا يومها برضه فهمت..

اني قدراتي في اللغات متوسطة.. ومهما عملت مش بجيب درجات نهائية فيها..

انما..

في الرياضيات، لما ربنا رزقني بمدرسة مشجعة وادعمة ومؤمنة بيا،

فضلت تدربني في ثانوية عامة لحد ما جبت ١٠٠٪ في الرياضيات..

بالرغم من اني اصغر واحدة في الفصل بفرق اكبر من سنة..

ويومها، فلانة ما جابتهاش.. ويومها ماجرتش اقول لأبويا اني جبت ١٠٠٪

يومها، وانا في قمة السعادة اني حققت هدفي سنتها في الرياضيات، 

اتصلت بمدرستي مدام فريد على طول وبلغتها..

ويومها ردت وقالت لي أنا كنت متأكدة وواثقة انك هتجبيها..

تصرفات.. 

منها المدمر ومنها البناء..

بتتحفر في ذاكرتنا..

وبتتخزن في عقلنا اللاواعي..

وبشكل فكرتنا عن نفسنا وعن غيرنا وعن العالم..

حاليًا..

محتاجين نطيب من التصرفات المدمرة اللي اتعرضنا لها بحسن نية من اهلنا..

ومحتاجين كمان نتعلم ازاي نربي ولادنا علشان يطلعوا في بيت طيب.. 

في بيت فيه مودة ورحمة..

ياللا نبطل نحط توقعات ونستوعب ان كل حد هيعمل فعلًا اقصى ما عنده 

لما يلاقي القبول، والدعم والحب غير المشروط..

تابعوني كل خميس بإذن الله مع مقالة جديدة و

#تصرفات_مدمرة_٧


 

بعاداتي باصمم حياتي

سلسلة بعاداتي باصمم حياتي - ١٧ حلقة هدية للتعرف على كيفية تبني العادات والإلتزام بها