شجرة خبث ولا طيبة

من فترة كنا في تجمع وكان فيه اطفال..

سنهم متقارب.. انما طبيعتهم مختلفة..

حد منهم اجتماعي جدًا.. بيتكلم وبيلعب معانا والدنيا تمام..

وحد تاني في نفس سن الأول، انطوائي وخجول..

 

خلال التجمع والد الطفل الخجول كل شوية يوجه له كلام..

مش تقوم تعمل حاجة؟

هتفضل قاعد كده كسلان؟

مالك خيبان كده ليه؟

يابني اتحرك ولا اعمل حاجة؟

وبعد تكرار لعبارات كتير، بدأ يتكلم مع الكبار عليه قدامه..

اصله كسول وبطئ وبيموت في القاعدة..

اصله مش عايز يتعب نفسه.. 

اصله بليد..

 

والطفل على وشه ابتسامة.. وعينيه مترغرغة دموع..

حاولت اشتت الأب عن نقد الطفل.. 

وحاولت اشرح ان الطفل طبيعته مختلفة..

انما فيه ناس زي ما ربنا وصفهم: ""في آذانهم وَقْر" 

مفيش أمل انهم يسمعوا او يستوعبوا..

 

بعد مدة من النقد والتوبيخ والتهزيء في العلن، 

فكرت اقترح لعبة العبها مع الأطفال علشان نتحرك بعيد عن الأب اللي عمال يوبخ وبس..

قلت للأطفال ايه رأيكم نلعب لعبة كذا؟

طفلين في نفس السن، واحد رد على طول وقال ايوه، ياللا نلعب..

والتاني قال لي مش هعرف..

 

الطفل اللي اهله بيدعموه بكلام تحفيزي وتشجيع، هو اللي رد قال ايوه..ياللا نلعب..

والطفل اللي والده عمال ينتقد فيه، هو اللي رد وقال مش هعرف..

 

شجعتهم نلعب وقلت لهم هنلعب علشان نتبسط، مش مهم مين يكسب..

لعبنا، والطفل اللي قال مش هعرف، بشوية تشجيع لعب كويس جدًا..

وبعد ما خلصنا قلت له: "شفت انك بتعرف؟ بطل تقول كلام سلبي عن نفسك.. لأنك شاطر وبتعرف..

شوف لعبت ازاي؟ وسبقتنا ازاي؟"

الطفل بص لي في عيني، وابتسم ومن قلبه قال لي: "شكرَا"

 

وأنا بتعلم دعم وارشاد نفسي، اتعملت عن النمو النفسي والاحتياجات النفسية..

وواحدة من احتياجات الأطفال في سن ما بين ٦ و ١٢ سنة هي التقدير والشعور بالإنجاز..

ولو حصل والطفل اتعرض للنقد الدائم بيحس انه اقل من غيره.. 

وصورته عن نفسه بتتكون انه انسان عاجز..



هل الأب اللي عمال يوبخ عايز ابنه يكون عاجز؟

لأ، اكيد نفسه ابنه يكون ناجح (الا لو كان أب مريض نفسي)..

طيب أب عايز ابنه ينجح، يفضل ينتقد فيه ويبوبخ فيه في العلن ويستهزئ بيه

وعايزه يطلع ناجح؟

وعلم النفس يقول لك الطفل هييطلع معتقد انه عاجز!!

 

ايه العك ده؟

يا اهل.. اتقوا الله في ولادكم..

كفاية توبيخ وتهزيء وكفاية اعتقاد ان دي طريقة صح لتشجيع الأطفال..

دي طريقة مضمونة لتدمير صورة الأطفال الذاتية وهدم نفسيتهم..

 

ده لص من لصوص العلاقات..

التوبيخ والتهزئ..

وكمان في العلن..

يعني مش فضيحة.. لأ بجلاجل..

وبعدين نقول ولادنا ليه مش عايزين يخرجوا معانا..؟

وليه مش عايزين يتواجدوا في اجتماعات اسرية..؟

 

لأنها للأسف بتتحول في كتير من الأحيان للحفلة.. 

الحفلة اللي بنحفل فيها على الأطفال المستضعفة ونفضل نتريق عليهم..

وعلى المراهفين وننتقدهم..

 

خليانا نركز على الإيجابي..

ولو ما لقيناهوش، نعالج نفسنا وتوقعاتنا..

لأن مفيش انسان معدونش جوانب ايجابية…

زي الطفل اللي عرف يلعب ويتسابق.. لما بس اتعامل بلطف ورفق واحترام…



خلينا نفتكر ان الكلمة الطيبة صدقة وان خيركم خيركم لأهله..

فنستبدل التوبيخ بكلام طيب،

خلينا نفتكر كلام ربنا عز وجل في سورة ابراهيم: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا  وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (26

 

التوبيخ لص وثماره خبيثة على نفسية الإنسان وعلى علاقاته..

والإختيار لنا، اللي عايز يحصد خبث، واللي عايز يحصد طيبة.. 

 

يللا نختار بحكمة ونوقف سلسال الخبث.

 

تابعوني كل خميس بإذن الله مع مقالة جديدة و

#تصرفات_مدمرة_٥

بعاداتي باصمم حياتي

سلسلة بعاداتي باصمم حياتي - ١٧ حلقة هدية للتعرف على كيفية تبني العادات والإلتزام بها