العصا والجزرة للدواب بس

مرة كنت بتمرن في الجيم مع المدربة بتاعتي،

وخلال التمرين دخلت ست كبيرة في السن، وقفت على الميزان وبعدين خرجت.

المدرية ضحكت وقالت لي: "مدام …. فاكرة نفسها جاموسة، كل شوية تدخل تتوزن، 

قبل التمرين وبعد التمرين ولو دخلت الحمام وقبل الأكل وبعده..

استغربت التشبيه والمدربة لاحظت فكملت وقالت:

"الجاموسة بس هي اللي بيوزنوها علشان يبيعوها، أما الإنسان فمقاسه لبسه..

يعرف منين انه خس او تخن؟ من لبسه.. وسع ولا ضاق عليه."

 

المثال ده فضل في بالي، من يوم ما قالته في ٢٠١٧، 

مش علشان زيادة الوزن او الخسارة،

انما علشان الفكرة الحيوانية للإنسان.. أو إن الإنسان يعامل نفسه كحيوان..

 

هل بنعامل نفسنا كحيوانات؟

وطبعًا ده لص من لصوص العلاقات..

بعض الأهل (لو ماكنش الكثير منهم)

ربى أولاده بطريقة حيوانية، بطريقة العصا والجزرة..

 

اول ما جبنا كلبة، صديق زوجي شرح لنا ندربها تعمل تواليت في مكان معين 

واننا لما تعمل في غير المكان نضربها ضرب خفيف على ضهرها علشان تفهم ان ده غلط..

ولما نعوز ندربها انها تقعد او تسلم نديها حتة جبنة فتفهم ان دي مكافأة..

 

وبالتالي الكلبة واحدة واحدة فعلًا اتعلمت..

بالعقاب والمكافأة، بالعصا والجزرة…

واحنا، كتير منا للأسف اتربي بالطريقة دي..

وفضلت الناس تتعامل معاه بالعصا والجزرة، في البيت والشغل والتمرين وخلافه..

لحد ما تحول الى مدام فلانة اللي فاكرة نفسها جاموسة.. 

لأن كتير منا اتبرمج انه يعامل نفسه بطريقة حيوانية.

 

لص من اللصوص العلاقات هو الضرب..

تسمع اب بيقول رنيته علقة سخنة علشان اربيه..

او ام بتقول ضربتها علشان تتربى..

عفوًا.. مفيش تربية بالضرب..

هل الإنسان بينصاع بعد الضرب؟

ممكن، يتألم، فيخاف من الألم تاني وبالتالي يسمع الكلام..

هل العلاقة بتفضل كويسة؟

عن تجربة، اكيد لا..

أمي وابويا كان منهجهم في التربية فيه عقاب انما بدون تطاول لفظي او مادي..

انما لكل حد فيهم كبوة..

والدي في يوم كان على الغذا.. وسمع اختي الصغيرة بتعيط، 

دخل ضربني.. من غير استفسار هي بتعيط ليه..

وبدون مقدمات.. 

فجأة وانا قاعدة في حالي لاقيت ابويا داخل الأوضة وبيضربني..

هل ده حسن علاقتنا؟

ابدًا.. خلاني متألمة بسبب الموقف ده لسنين بعدها..

وبعد ٣٠ سنة من الألم النفسي احتجت مساعدة وعلاج نفسي علشان اتجاوز الصدمة دي..

 

وأمي؟ 

يوم عيد ميلادي ال١٧ كنت في اولى كلية، رجعت من الجامعة متأخرة ربع ساعة،

سألتني عن التأخير قلت لها ان زميلاتي عزموني على ميل شيك وانا راجعة بمناسبة عيد ميلادي، 

واننا اخدناه تيك اواي وماقعدناش، 

نزلت على وشي بالألم.. 

وعمري ما نسيت الألم ده.. 

لأني بعدها اتعلمت اني ماقولش الحقيقة.. 

وان لو حبيت اعمل حاجة اعملها لما محاضرة تتلغي او دكتور يخلص بدري..

لأن الحقيقة بتؤدي الى ضرب/رد فعل عنيف وحاد وغير متوقع وغير معتاد

 

طبعًا ده كان تفكيري وانا عندي ١٨ سنة..

قبل ما اعلم اعبر عن نفسي، واحط حدود واتفاوض..

وقتها كانت صدمة.. اول مرة اتضرب من امي، وفي يوم عيد ميلادي!

والنتيجة مفيش علاقة.. جدار بيني وبين امي طول مرحلة الجامعة..

 

طبعًا ممكن تفكر ان ده علشان حصل مرة فعمل صدمة..

انما فيه اطفال بتتعرض للضرب بشكل اعتيادي وبالتالي مش مصدومين..

لا خليني اصدمك واقول لك ان الطفل ده بيتصدم في الأول،

وبعدين علشان يعرف يعيش، بيستخدم آلية دفاع..

ممكن منها انه ينفصل عن مشاعره، او انه يكبتها، 

او انه يمنطق العقاب ويشوف انه يستاهل..

او يوصل انه يحس بالذنب انه وصل اهله لمرحلة الضرب..

ايًا كان، النتيجة للأسف اضطراب في العلاقة..

والم نفسي..

وبيوت مهزوزة..

 

عمر ما الضرب يربي..

بيقوم سلوك في الظاهر؟ ممكن..

وفي الباطن؟

جرح غائر في نفسية المضروب، وشرخ عميق في العلاقة..

 

وتلاقي امهات بتضرب ولادها في الشارع والنادي والمول عادي..

واللي منهم تقول ما انا بهزر.. واللي تقول ده لمصلحته..

 

الضرب مش هزار ولا منهج تربوي..

واللي بيضرب علشان يربي زي اللي بيسرق علشان يروح يتصدق..

مستسهل السرقة/الضرب..

بدل ما يتعلم يربي فعلًا صح..بالتفاهم، والإحترام، والإحتواء..

وحجته ايه؟

ما احنا اتربينا وطلعنا كويسين..

كويسين بالنسبة لايه؟ وبمعيار مين؟

واللي اتربى بالضرب وبيربي بالضرب عامل زي الكفار 

اللي كان ردهم:" بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير" (لقمان ٢١)

 

مراتك اللي بتضربها، مش هتقيم معاك علاقة زوجية وهي في حالة حب..

لأنك كسرتها.. واللي يكسر مراته بيضحك على نفسه انها بتحبه..

وابنك اللي بتضربه، مش بتربيه.. في الحقيقة انت بتهد فيه وفي علاقتكم..

 

ياللا نتقي الله في علاقتنا..

ونبقي بيوت على السكن والمودة والرحمة..

مش الخوف والغضب والعنف..



تابعوني كل خميس بإذن الله مع مقالة جديدة و

#تصرفات_مدمرة_٤

بعاداتي باصمم حياتي

سلسلة بعاداتي باصمم حياتي - ١٧ حلقة هدية للتعرف على كيفية تبني العادات والإلتزام بها