السر اللي عرفته عن الطلاب غير المبصرين

في سنة ٢٠٠٠ كنت حامل في طفلي التاني.. وقتها كنت بَحضَر جلسة تدبر.. وكان الشيخ بيتدبر معانا آية النور..

اسبوع ورا اسبوع لاقتني متعلقة جدًا باسم الله النور.. وبآية "الله نور السماوات والأرض.."

بدأت احلم اني لو جبت بنت اسميها نور.. اتناقشت مع زوجي العزيز وهو رفض بحسم.. لأنه اسم مشترك بين الولاد والبنات.. وقال لي لو طلعت بنت بعدين تتطلب في الجيش.. لو مصممة سميها نورهان او نوران وناديها نور.. وأنا قلت له يا نور يا بلاش..

وربنا شاء اني اجيب بنت ونسميها ملك..

عشت بعدها وأنا متعلقة بالنور.. نور السماوات والأرض.. نور ربنا..

ومرت سنين وروحت يوم ازور مدرسة النور للمكفوفين.. 

دخلت وأنا متخيلة إنها مدرسة اشباح.. وإن الولاد فيها متجهمين وقاعدين على الدكة ومكتئبين لأنهم غير مبصرين..

بعد ما سجلت اسمي في الدفتر كزائرة، ومشيت كام خطوة لاقيت ولاد بتجري.. وأطفال طالعة السلم بسرعة.. وبنات ماسكين في دراعات بعض وبيتمشوا.. حالة من الحركة بسرعة ونشاط كأنك في مدرسة عادية.. الفرق ان الطلاب اما لابسين نضارات او عينيهم شكلها مختلف عن عيون الأطفال المبصرة..

سألت على الأخصائية الإجتماعية، وطلعت السلم علشان اقابلها.. اول ما وقفت وقبل ما اتكلم لاقيت طالب واقف معاها قال لها مش تعرفينا على الضيوف.. استعجبت، عرف منين اني موجودة..؟

مدام زينب يومها عرفتني على ايهاب.. وبعد انصرافه لحصته عرفتني على طبيعة الولاد غير المبصرة.. وازاي حاسة الشم والسمع عندهم قوية جدًا.. علشان كده ايهاب عرف ان فيه حد غريب عن المدرسة… وشرحت لي ازاي ان فيه منهم فاقد البصر تمامًا زي ايهاب.. وان النسبة الأكبر منهم بيتصنفوا غير مبصرين مش فاقدي البصر ولا مكفوفين.. لأنهم بيشوفوا بصيص خافت من الضوء.. بيقدروا بيه يعرفوا لو الدنيا ليل ولا نهار.. ولو في حاجز أو حد قدامهم ولا لأ.. بيشوفوا حاجة اشبه بالهياكل، بدون شكل واضح..

يومها رجعت البيت وأنا محملة بالمشاعر.. مشاعر من مدرسة النور..

المرة دي حرفنا حرف النون.. نون نور..

بعد زيارة المدرسة، فكرت قد ايه طفل اتحرم من البصر.. انما عنده بصيص نور.. بصيص بس وشايف بيه وقادر يتحرك ويجري ويلعب ويضحك ويتسابق مع زمايله..

وفكرت قد ايه ناس كتير مبصرة، زيي وزي كتير من متابعيني، قادرين نشوف النور مش بس البصيص، قادرين نتحرك بيسر وسهولة وعلى الرغم من كده كتير منا عايش في ظلام..في ضلمة..ضلمة اختيارية.. 

ضلمة يأس، ضلمة تشاؤم، 

ضلمة اسف، ضلمة حزن، 

ضلمة ندم، ضلمة غضب..

فكرت قد ايه ممكن يكون ظاهر الشخص انه فاقد البصر وعايش في ضلمة..ويصعب علينا..  

وهو في الواقع سعيد بالبصيص وعايش حياته..ومستمتع..

وقد ايه ممكن انسان يكون نظره ٦/٦ وظاهر الأمر انه عنده كل حاجة.. وهو، لأنه اختار يعيش في ظلام داخلي..تعيس..

افتكرت الآية كريمة في كتابنا الكريم: "وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ"

نور في القلب، نور بصيرة، نور هداية..

إنسان.. قلبه مليان نور.. بيستشعر نور ربنا في كل يوم.. في كل موقف، 

في كل عسر، في كل محنة.. عايش في نور.. 

نون نور، إنسان بيسعى بنور ربنا مهما اشتدت العتمة حواليه..

إنسان عايش وقلبه مليان نور.. فعايش في نور، مع الله النور..

#من_الألف_للياء_٢٥_نون

#مقالة_أسبوعية

#حروف

#كلمات

#قراءة

#استماع

#تواصل_فكري

#تفاعل_عاطفي

#رقي_انساني

#سعادة_مصر

#كن_إنسانًا

#إيمان_رفعت